siege auto

عمر بن عبدالعزيز و فرتونة السوداء ..!!!

·
/* */

كان بريد عمر بن عبد العزيز لا يعطيه أحدٌ من الناس إذا خرج كتاباً إلا حمله، فخرج بريد من مصر فدفعت

 إليه (( فرتونة السوداء )).مولاة ذي أصبح كتاباً تذكر فيه أن لها حائطاً قصيراً، وأنه يقتحم عليها 

فيسرق 

دجاجها، فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد الله أمير المؤمنين إلى (( فرتونة السوداء )).مولاة ذي أصبح، بلغني كتابك وما ذكرتي من قصر 


حائطك وأنه يدخل عليك فيسرق دجاجك، فقد كتبت كتاباً إلى أيوب بن شرحبيل ـ وكان أيوب عاملٌه 

على صلاة مصر وحربها ـ آمره بأن يبني لك ذلك يحصنه لك مما تخافين إن شاء الله ..

و كتب إلى أيوب بن شرحبيل:

من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى ابن شرحبيل، أما بعد:

فإن فرتونة مولاة ذي أصبح كتبت تذكر قصر حائطها، وأنه يسرق منه دجاجها وتسأل تحصينه لها، فإذا 

 
جاءك كتابي هذا فاركب أنت بنفسك إليه حتى تحصنه لها.

فلما جاء الكتاب إلى أيوب ركب ببدنةٍ حتى أتى الجيزة يسأل عن فرتونة حتى وقع عليها، وإذا هي 


سوداء مسكينة، فأعلمها بما كتب به أمير المؤمنين وحصنه لها .

المرجع / سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم

لا ينبغي أن تمر هذه القصة علينا مرور الكرام , من غير ان نجيل فيها الفكر , ونمعن النظر , لنستخرج


 منها الفوائد والعبر , ومن خلال هذه الوقفات مع قصة(( فرتونة السوداء )).ندرك ان للمسلمين ماضياً 

مشرقاً يستحق الوقوف مع حكاياته وعبره ,

الوقفة الأولى : نظام البريد الذي إتخذه عمر بن عبدالعزيز , ليرفع إليه الرعية . لا رعية قطر أو ولاية 


فحسب , بل رعية الدولة الإسلامية العظيمة , المترامية الأطراف فيعرف من دقيق اخبارها , وتفاصيل 

حياة الناس فيها , ما يجعله متابعاً يقظاً لدولة تتسع لما يقارب من ثلث الكرة الأرضية اليوم أو يزيد .

الوقفة الثانية : أن البريد يصل إلى عمر , ولا تذهب شكايات الناس بين بين , أو تأخذ ذات اليمين وذات 


الشمال , فيصل إليه ما يحب الحاشية أن يصل , ويقطعون عنه ما يكون على غير ما يحبون .

الوقفة الثالثة : أن عمر ينظر في البريد رسالةً رسالة , ولم يتخذه لتفريغ غضب الرعية ثم يذهب إلى


 سلة الإهمال .

 

الوقفة الرابعة : أن النظر يتبعه العمل , فمن له حاجةً قُضيتْ , ومن شكا مظلمةً رُفعتْ , ومن توجه 


بنصيحة قُبلتْ .

الوقفة الخامسة : أن حاجات الناس جميعاً تُؤخذ بعين الإعتبار , فلا تُردُ حاجةٌ لأنها في نظر الخليفة


 تافهةً , كدجاج (( فرتونة السوداء )).ولا تُردُ حاجةٌ لأن صاحب الحاجة ليس من أهل الوجاهات , فكل 

ذي حاجةٍ نُظر في حاجته ولو كانت (( فرتونة السوداء )).

الوقفة السادسة : أن الرعية قد عرفت الحقوق , وأنها تنتزع ولا تستجدى , فلا ظير إذا أن , ينظر 


الخليفة بنفسه في دجاج (( فرتونة السوداء )).

الوقفة السابعة : أن الرعية قد بلغت من الوعي مبلغاً , مما جعل الناس تعرف الحقوق ,وكيف الوصول 


إليها , وكيف تُؤخذ , صغيرها وحقيرها , من الصغير والحقير , وليس بحقير من طالب الخليفة في القيام 

 بالخدمات الخاصة ووجد لطلبه أذناً صاغيةً .

الوقفة الثامنة : ان أمةً بلغت هذا الحد , من العدل والوعي , تستحق أن تذكر في التاريخ بأنها الأمة 


التي وضعت قانون الحقوق وطبقته , وأنها اليوم مطالبة من العالم أجمع , أن تعود إلى ماضيها , تأخذ

 منه الدروس لتلقيها على البشرية , قولاً وعملاً , فرحم الله ابنَ عبدالعزيز , كيف أعطى كل ذي حق 

بلغه حقه , ولو كانت (( فرتونة السوداء ))..

Kolob Elnas

0 التعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات

أرشيف المدونة

 

الحقوق محفوظة 2009 | قلوب الناس ليست الجنة !! "فلآ تتعب نفسك من أجل البقاء فيها" | خلاصة المواضيع | خلاصة التعليقات

تعريب ذؤيب | Copyright © 2009 - Blogger Template Designed By Simrandeep Singh